كاتب السؤال: رضا الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/٤/٧

يقال أنّ الإقراض بكلّ شرط ربا، كالإقراض بشرط الإجارة، أو بشرط عمل، أو بشرط ربح وغير ذلك. بناء على هذا، أرجو الإجابة على الأسئلة التالية استنادًا إلى القرآن والسنّة:

١ . ما حكم الإجارة بشرط الإقراض؟

٢ . ما حكم الحوالة بشرط الإقراض؟ أعني أن يقبل الرجل حوالة صاحبه بشرط أن يقرضه مالًا.

٣ . ما حكم الإقراض بشرط الإقراض؟ أعني أن يقرض الرجل صاحبه بشرط أن يقرضه صاحبه في وقت آخر.

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/٤/١٠

لقد روي: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ»[١]، وزعم بعض أهل العلم أنّه قول البائع للمشتري: أبيعك هذه السيارة بشرط أن تبيعني حديقتك، أو بشرط أن تأجرني دارك، أو بشرط أن تقرضني مائة دينار، وليس كذلك عند أكثر أهل العلم، بل هو عندهم أن يقول البائع للمشتري: أبيعك هذه السيارة نقدًا بكذا، ونسيئة بكذا، ثمّ لا يفارقه على أحدهما، والدليل على أنّه كذلك ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا»[٢]، ومعناه أنّ من باع سلعة واحدة بثمنين عاجل وآجل فله أقلّهما؛ لأنّ أكثرهما وهو الآجل ربا، وأمّا اشتراط معاملة شرعيّة في ضمن معاملة شرعيّة أخرى فليست بمعاملتين في معاملة؛ لأنّ اشتراط المعاملة غير المعاملة، وهو جائز إن شاء اللّه؛ لأصالة الصحّة، ولقول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[٣]، وقوله تعالى: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا[٤]، وما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فِيمَا أُحِلَّ»، ومن الواضح أنّ شرط المباح هو «فِيمَا أُحِلَّ»، ولذلك يجب الوفاء به، والقرض إذا لم يكن مشروطًا بفائدة فهو مباح، ولذلك يجوز الإجارة والحوالة بشرط القرض المجرّد عن الفائدة، بل الحقّ أنّ القرض بشرط الإجارة والحوالة والقرض هو جائز أيضًا؛ لأنّه لا يعتبر شيء من هذه المعاملات فائدة في حدّ ذاته، إلا أن يكون مفاد الشرط في ضمن القرض إجارة أو حوالة أو قرضًا بزيادة تعتبر فائدة؛ كأن يقول المقرض للمقترض: أقرضك مائة دينار على أن تأجرني دارك بأجرة أقلّ من أجرة مثلها، أو تؤدّي إلى غريمي بعد حلول ديني مائة وعشرة دنانير، أو تقرضني بعد شهر مائة وعشرين دينارًا؛ لأنّ هذه الزيادة فائدة مشروطة في القرض وهي ربا، ولكن إذا قال المقرض للمقترض: أقرضك مائة دينار على أن تأجرني دارك بأجرة مثلها، أو تؤدّي إلى غريمي بعد حلول ديني مائة دينار، أو تقرضني بعد شهر مائة دينار، فالظاهر أنّه جائز؛ لأنّه لا يعتبر فائدة، وليس قصد القربة شرطًا في صحّة القرض كسائر المعاملات، ولذلك كان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأصحابه يستقرضون الكفّار، إلا أنّ هذه الشروط مكروهة؛ لأنّ المندوب في القرض قصد القربة، وهو قد لا يجتمع مع هذه الشروط، وهذا ما يظهر من قول السيّد العلامة حفظه اللّه تعالى؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الْمُقْرِضِ يَشْتَرِطُ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً بِالْعَدْلِ، فَكَرِهَهُ وَقَالَ: مَنْ أَقْرَضَ قَرْضًا فَلَا يَشْتَرِطْ إِلَّا أَدَاءَهُ، قُلْتُ: أَهُوَ رِبًا إِذَا لَمْ يَظْلِمْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ وَكَانَ الْمُقْتَرِضُ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْإِجَارَةِ؟ قَالَ: هُوَ إِلَى الصُّلْحِ أَقْرَبُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَقْرَضَ قَرْضًا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ.

وأخبرنا بعض أصحابه، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَقْرِضْنِي، فَيَقُولُ: أُقْرِضُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، أَيَصْلُحُ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَتَرَاضَيَا فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُهُ لِنُقْصَانِ الْأَجْرِ.

بناء على هذا، ينبغي للمؤمن أن يجتنب هذه الشروط في ضمن الإقراض ليكون له أجر عند اللّه؛ فـ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ[٥]، بل وعد فقال: ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ[٦]، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[٧].

↑[١] . موطأ مالك (رواية يحيى)، ج٢، ص٦٦٣؛ مسند أحمد، ج١١، ص٢٠٣؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٥٢٥؛ مسند البزار، ج١٢، ص٢١٤؛ سنن النسائي، ج٧، ص٢٩٥
↑[٢] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٤، ص٣٠٧؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٢٧٤؛ صحيح ابن حبان، ج٣، ص٣٧
↑[٣] . المائدة/ ١
↑[٤] . البقرة/ ١٧٧
↑[٥] . التّوبة/ ١٢٠
↑[٦] . البقرة/ ٥٨
↑[٧] . الأعراف/ ١٢٨