كاتب السؤال: زهراء تاريخ السؤال: ١٤٤٥/١٢/٢١

ما حكم قيام الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين إذا كان المكان ضيّقًا؟

الاجابة على السؤال: ٤ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٦/١/٩

لا يجوز قيام الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين لغير ضرورة أو تعليم؛ لأنّه ينافي الخشوع في الصلاة، ويشبه الرياء فيها، وقد أمر اللّه بالخشوع في الصلاة، ونهى عن الرياء فيها، فقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[١]، وقال: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ[٢]، ولذلك روي: «أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ كَانَ بِالْمَدَائِنِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي، وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ، فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ، فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ، حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: <إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ>؟ قَالَ عَمَّارٌ: لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ»[٣]، وقد روي مثله عن سلمان، وأبي مسعود الأنصاريّ[٤].

نعم، لا بأس بقيام الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين إذا كان لضرورة، كضيق المكان أو اعوجاج الأرض؛ لأنّ اللّه قال: ﴿قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ[٥]، وقال: ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[٦]، وروي عن أهل البيت أنّهم قالوا: «إِنْ كَانَتْ أَرْضًا مَبْسُوطَةً وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا ارْتِفَاعٌ، فَقَامَ الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ، وَقَامَ مَنْ خَلْفَهُ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَالْأَرْضُ مَبْسُوطَةٌ، إِلَّا أَنَّهُمْ فِي مَوْضِعٍ مُنْحَدِرٍ فَلَا بَأْسَ»[٧]، وكذلك إذا كان قيام الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين لأجل التعليم؛ فقد روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمّ الناس على منبره، ثمّ قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي»[٨].

↑[١] . المؤمنون/ ١-٢
↑[٢] . الماعون/ ٤-٦
↑[٣] . سنن أبي داود، ج١، ص١٦٣؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٣، ص١٥٥؛ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ج١، ص٤٨٨؛ شرح السنة للبغوي، ج٣، ص٣٩١
↑[٤] . انظر: الآثار لأبي يوسف، ص٦٦؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٢، ص٦٦؛ سنن أبي داود، ج١، ص١٦٣؛ المعجم الكبير للطبراني، ج١٧، ص٢٥٢؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص٣٢٩؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٣، ص١٥٤.
↑[٥] . الأنعام/ ١١٩
↑[٦] . الحجّ/ ٧٨
↑[٧] . الكافي للكليني، ج٣، ص٣٨٦؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج١، ص٣٨٨؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٣، ص٥٣
↑[٨] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١، ص٢١٧؛ مسند ابن الجعد، ص٤٣٠؛ مسند أحمد، ج٣٧، ص٥١٣؛ صحيح البخاري، ج٢، ص٩؛ صحيح مسلم، ج٢، ص٧٤؛ سنن أبي داود، ج١، ص٢٨٣؛ سنن النسائي، ج٢، ص٥٩